شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
178183 مشاهدة
متى يلزم شرط مكان الوفاء

وإن عقدا السلم ببرية أو بحر شرطاه أي مكان الوفاء لزوما، وإلا فسد السلم؛ لتعذر الوفاء موضع العقد، وليس بعض الأماكن -في ذاك- أولى من بعض فاشترط تعيينه بالقول كالكيل، ويقبل قول المسلم إليه في تعيينه مع يمينه.


إذا كان عندما تعاقدا وهما في لجة بحر، أو في برية صحراء، فلا بد من شرط مكان الوفاء -يعني- بشرط أنك توفيني في الرياض مثلا أو توفيني في الأفلاج عين المحل الذي يختاران الوفاء فيه؛ وذلك لأنه متعذر أن يأتي به في ذلك المكان الذي عقده في لجة البحر أو في البر، فلما أنه تعذر لم يكن بد من شرطه، أن يشترطا أن مكان الوفاء في البلدة الفلانية، ثم إذا اختلفا في تحديد الموضع الذي شرطاه فيه؛ فإنه يرجع إلى قول البائع بيمينه: يحلف أننا شرطناه بالمكان الفلاني؛ لأنه هو الغارم.